تلويحةٌ من الأسفل
سَمِع الأغنية
وصار بوسعه أن يقلّب عينيه في بخار الغابات،
ويقول بأنّ الوردة التي هناك
هي روحٌ غابتْ للتوّ،
والقشُّ الذي حولها
ليس سوى ترعةٍ
في طريق الدموع.
كنت أقول مع نفسي:
إذا تأخّر البريد أكثر من اللازم
سأبعث من يبحث لي
في بطن البحر
عن قناني شاعرٍ حيٍّ.
إلى الآن،
أشكّ في مسيلٍ بلا حصى
وأصداف تبتلعها الرّيح
ورسائل منسية في بطن الحوت.
لهذا، كلّما تذكرتُ أغاني الصيادين
سمعت من يهتف بي:
قفا نضحك !
أسدل ستائر الحائط وقت الظهيرة
وأظلّ أحدق في أبعد نقطة.
قد يكون هو القارب الذي يُلقون الرسائل منه
وأنا هنا أنتظرها
بمذراة طويلة وذاكرة بلا صفير.
أجمع نظراتي من وراء الزجاج،
وفي نيّتي أن أندسَّ مثل عميلٍ بين الحيتان
وأتسلّى باسْمِي حتى لا قرار،
وأنْ أُلوّح للقمر النعسان
وقصص ( كان يا ما كان)
بقميصي الذي عليه
ندمُ الوردة.
موسيقى على الأرجح
بحيرات اللّيْل
من قلبي
تُسمعني غناء النجوم المغدورة،
وقيل التي انعكست على ماء آسن.
تتراءى أطياف أشخاص أعرفهم،
وهم جلوسٌ على مصطبة النسيان.
طيف أبي يتقدّم نحوي وهو يومئ إلى بركة نمل مهجورة:
كانت لنا بئر تضخّ المعزوفات في حديقة نعام،
وتُتأتئ في ليالي الشتاء،
ثُمّ انتابها عيٌّ من صدأ الأحبال الصوتية.
يقطع النّظراتِ نباحُ كلب،
فلا أعاود أفكّر بجدّية في حركة الظلال.
ليس صحيحًا ما يتناهى إليّ
من ساعة حائط متداعٍ
حيث المياه الخائفة تسيلُ بالأجواخ
ولا تترك لي الفرصة لعمل أيّ شيء.
اعودُ إلى بحيرات الليل،
وفي نفسي أن أنفقها
في غيمةٍ على وزن الخبب.
بلا مزاج،
أمسح بكُمّي دزينات العرق
وأخلط الأرق بالزعفران،
فيما أنا أسمع الموسيقى
على الأرجح.
*نُشِرا بالملحق الثقافي لجريدة (العلم)، عدد الخميس 27 مارس 2025.
لا تعليق